اعلانات

الحاجة لثورات في الدين وليس على الدين

الحاجة لثورات في الدين وليس على الدين

الحاجة لثورات في الدين وليس على الدين بقلم د.ناجى صادق شراب

-: عين الاخبارية :- لقد باتت الحاجة للإصلاح بالمعنى الشامل الذي يطال البنى السياسية وألإقتصادية وألإجتماعية والقيمية أمرا حتميا ، وزات هذه الحاجة بشكل أكبر بعد الثورات العربية التي نجحت في وصول القوى ألإسلامية بمختلف تياراتها وأرؤاها الدينية والسياسية للحكم والسلطة ، وهو ما فرض او أعاد التاكيد على دور الدين وعلاقته بمعضلة الحكم والسياسة ، وأعاد من جديد جدلية العلاقة بين الدين والسياسة . وهذه الجدلية كانت قائمة في وقت أنظمة الحكم الإستبدادية والسلطوية التي أقصت القوى والحركات الدينية من الوصول للحكم ، من خلال وسائل كثيرة منها ألإقصاء ومحاولة ألإستيعاب والإحتواء ، وبملاحقة وحظر كل أنشطة هذه الحركات ، وبالمقابل قامت هذه الحركات باللجؤ لكل ألأساليب المتاحة لها لمناهضة أنظمة الحكم السلطوية ومحاولة إسقاطها إما بالعنف ، أو بمحاولة المشاركة في الإنتخابات لإسقاطاها من الداخل ، ومن خلال تقوية وجودها بالخدمات التي تقدمها لدى القاعدة العريضة من المجتمع والتي أهملتها أنظمة الحكم السابقة ، وبالتالى شكلت للقوى ألإسلامية قاعدة جماهيرية قوية إستفادت منها في مرحلة بعد الثورة ، وبفوزها في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية ، وهزيمتها للقوى الليبرالية والوطنية الأخرى . نفس الإشكالية بدأت تطفو من جديد في العلاقة بين القوى الإسلامية الحاكمة ألأن والمعارضة السياسية الممثلة في القوى الليبرالية والعلمانية ، وبدلا من التوافق السياسى بين كافة القوى في إطار نظام حكم توافقى ديموقراطى يشمل المشاركة السياسية في ظل مبادئ متفق عليها في إدارة الحكم والسلطة ، وفى إطار التوافق علي مبدأ المواطنة . بدأت تظهر من جديد نفس الإشكالية ، ولكن بصورة أكبر وأكثر خطورة علي مستقبل عملية التحول السياسى ، والتي كان هدفها إسقاط أنظمة الحكم السلطوية والبدء بعملية إصلاح سياسى تقود إلى أفضل انظمة الحكم الممكنة والتي تتوافق مع خصوصية الحالة العربية . وهنا بدأت ألإشكالية مقلوبة : قوى دينية في مواجهة قوى سياسية ليبرالية أو قوى سياسية تطالب بالدولة المواطنة المدنية , مقابل قوى دينية تدفع في إتجاه الدفع بالدولة نحو دولة دينية كاملة ، ونحو إلغاء وتجميد لكل المبادئ المتعارف عليها في أدبيات الإصلاح السياسى .وبتوظيف للدين على حساب عملية الإصلاح السياسى ، وهنا تبرز اشكالية العلاقة بين الدين والسياسة من جديد ، وهى إشكالية مزدوجة ، بعدها ألأول إن عملية الإصلاح السياسى والتي كانت هدفا للثورات العربية لم تكتمل ، وبقيت الحاجة ملحةلهذا الجانب من الإصلاح الضرورى والحتمى والذى بدونه أيضا ستطول الفترة الإنتقالية ، وستزداد إحتمالات تجدد الثورات العربية من جديد ، ولكن في إطار بيئة سياسية قابلة للعنف وعدم الإستقرار . والبعد الثانى الفهم الخاطئ لدور الدين بإعتباره مكونا رئيسا من مكونات العملية والبيئة السياسية الجديدة . وبشكل أكبر منذ ى قبل وذلك بالدور المعترف به بدور القوى السياسية الإسلامية وشرعيتها السياسية التي اكتسبتها من خلال العملية الإنتخابية الديموقراطية , لكن هذه القوى السياسية تفتقر للرؤية الدينية الصحيحة ، وتمثلت ما بين دور الدين في السياسة وبين الدين كعقيدة. لا احد يجادل في الإلتزام بها ، ولا أحد يختلف على دور الدين كمحدد للسلوك السياسى للمواطن ، إلا أن المشكلة تكمن في أن القوى الإسلامية لا تملك الرؤية السياسية لنموذج حكم أفضل مما هو قائم ومطلوب ، وبعبارة أخرى ليس لها بديل لأفضل نظام حكم ممكن بديلا للنظام الديموقراطى الذى يعتبر أفضل أنظمة الحكم الممكنة التي توصل إليها العقل البشرى لتنظيم حياته الدنيوية . ومعضلة القوى السياسية أنها تحتمى بالدين دون أن تجتهد في تقديم رؤية للحكم يقبل بها الجميع ، او على أقل تقدير نظام حكم يتوافق وأهداف الثورات العربية ،فمفهوم الدولة الدينية المطلقة مرفوض ويتعارض مع متطلبات الإصلاح السياسى المتفق عليها في أفضل أنظمة الحكم الممكنة والتي تعبر عنها النظم الديموقراطية السائدة نماذجها في التجارب الغربية . ولعل أول خطوة في طريق الإصلاح الشامل هو إزالة التناقض بين مفهوم الإصلاح السياسى ، وبين الحاجة للإصلاح في مجال مفاهيم ورؤى الحكم من منظور الدين ، وذلك بهدف الإلتقاء في دائرة مشتركة وهى دائرة أفضل أنظمة الحكم الممكنة .والهدف الأساس لعملية الإصلاح هو الإبداع والتكيف والإنجاز ، وهذا لا يتأتى إلا عبر إفساح المجال للعقل النقدى إن يأخذ دوره ، وألإبتعاد عن التقليد وإلإتباع المسلم به ، فالعقل هو أعظم ما خلق الله وهباه للإنسان ، وهنا يكمن منطلق الإصلاح الدينى بالتركيز على العقل ، وإذا ما إلتقى هذا مع مفهوم الإصلاح الحداثوى وهو العقل أيضا تكون الحلقة المشتركة ، ووظيفة العقل البحث عن الحلول الدنيوية للكثير من المشاكل الدنيوية ، وأبرز هذه المشاكل وأعقدها هى مشكلة الحكم الذي يناسب خصوصية الحالة الإنسانية حيث توجد. ولعل من المشاكل التي تواجه إشكالية ألإصلاح الدينى هو التمييز بين الإسلام كدين ، والإسلام كمشروع سياسى ، وجلب الإسلام للحداثة أم جلب الحداثة للإسلام. والإسلام كدين غير قابل للنقد ،بل التركيز على الإسلام كآداة ووسيلة لتحقيق الحداثة وألإصلاح. وهنا تتعدد النماذج ألإسلامية ، فالنموذج التركى يقوم على الجمع بين العلمانى والحضارى والإسلامى ، والإيرنى يقوم على الدينى بالمنظور الشيعى وولاية الفقية التي قد لا تتناسب والحالة العربية . وإلى جانب هذه النماذج توجد نماذج عديدة فاشلة كالنموذج الصومالى ، وألأفغانستانى ، وهى دول فاشلة وضعيفة , والخوف في هذا السياق أن تتحول النماذج العربية إلى نماذج دول فاشلة وضعيفة. ويبقى السؤال أين النموذج العربى والمصرى خاصة القادر على تقديم نموذج للحكم الإسلامى بديل للديموقراطية كأفضل أنظمة الحكم الممكنة التي توصل لها العقل البشرى .

  • تعليقات الفيس بوك
  • تعليقات الموقع

اترك تعليقا