اعلانات

رواتب محتجزة ومسؤولية جنائية

رواتب محتجزة ومسؤولية جنائية

رواتب محتجزة ومسؤولية جنائية بقلم عدلي صادق

-: عين الاخبارية :- على الرغم من كل ما قيل، حول وقف صرف رواتب آلاف الموظفين (غالبتهم العظمى من قطاع غزة)؛ فإن وزارة المالية التابعة حتى الآن لرئيس الحكومة المستقيل سلام فياض، لا تزال تمتنع عن الصرف ولا تكتفي بتواجد الموظفين شخصياً، في أماكن سكناهم وأمام العاملين في البنوك، إذ تطلب ما لا معنى له، على صعيد الإجابة الحاسمة عن أسئلة التواجد، كتصوير جميع صفحات جواز السفر، وإرسالها على جهاز فاكس واحد، لا يستوعب طوال اليوم أكثر من ثلاث معاملات كاملة. فوزارة المالية، تضع عراقيل إدارية يدل عقمها ولا معقوليتها على حقيقة واحدة، وهي أن فياض يهدف قبل أن يغادر؛ الى تخفيف حجم المديونية التي تسبب بها بذخه وبذخ حكومته وتعاقداته واستشاراته وسيارات موظفيه (84 واحدة جديدة مؤخراً، بعد الإعلان عن إجراء التقشف وبيع السيارات للموظفين) على

حساب خبز الفقراء وحليب أطفالهم. فهو يتهرب من حل الإشكال الناجم عن خطوة رعناء بهذا الحجم، مستأنساً كما يبدو بالقحط القانوني والدستوري الذي باتت عليه بلادنا، والذي يجعله ويجعل سواه من ذوي التجاوزات الغليظة، في منأى عن العقوبة في هذا الزمن الأغبر.

الرجل المسؤول عن الإضرار المادي والمعنوي بشريحة واسعة من الشعب الفلسطيني؛ يقترف جناية غير مسبوقة، ويخالف الوثيقة الدستورية ويتمحك بمفهوم النزاهة وسلامة الإدارة المالية، لكي يمرر فعلته، ويلجأ الى التحايل الإداري، حتى بعد أن أسهب المتدخلون والكتّاب والمسؤولون ومدراء البنوك، في شرح مواضع الغباء والحماقة في احتباس الرواتب، وذلك من خلال متطلبات ورقية يصعب على المتضررين إيصالها، لا سيما وأن الإحتلال يمنع وصولهم الى مقر الحكومة أو وزارة المالية!

نقول لفياض بكل وضوح: لا لصرف راتب أي موظف استغل الاستنكاف عن العمل بأمر الحكومة، فارتحل الى بلد آخر، وارتبط بوظيفة أخرى أو استقر في هجرة دائمة. هناك البعض من هؤلاء،

لكن مسؤولية تجهيز كشوف بأسمائهم، سواء كانوا قلة أم كثرة، كانت وما زالت، تقع على عاتق وزارات حكومة فياض. ويقترف هذا مخالفة قانونية حين يفرض على آخرين لم يرتكبوا مخالفات وظيفية أو قانونية؛ دفع ثمن تقصير حكومته وعجزها عن معرفة أحوال موظفيها، فيُحرم من الراتب، الماكث في وطنه، مستنكفاً عن العمل التزاماً بالشرعية، أو من يؤدي مهام عمله لكنه أعطى توكيلاً بسبب ابتعاثه للخارج، أو من سافر لفترة قصيرة، أو من غادر مؤقتاً أو كانت لديه أسبابه لعمل توكيل محدود أو مفتوح. وهناك في هذا الباب، أمثلة كاريكاتورية كأن يخشى مناضل وطني على نفسه، بعد انقلاب “حماس” من الاعتقال، فيعمل توكيلاً لزوجته، يجري على أساس وجود التوكيل قطع راتبه، بينما لم يسافر الرجل مرة واحدة. فالقاعدة الفياضية في قطع الراتب، هي إنك أيها الموظف مسافر، وعليك أن تثبت العكس، ويتعين على الألوف أن تثبت تواجدها، ولا يتعين على الحكومة أن تعرف وتتابع!

إن وقف رواتب ألوف الموظفين، جناية لا تسقط بالتقادم. وقد علمنا أن هيئة أهلية بدأت في تسجيل الأضرار التي تقع على الأسر،

وبخاصة الأطفال، من جراء خطوة فياض، لتحميله المسؤولية عنها أمام القضاء. من هنا، نحن ننصحه بأخذ ناصية الرشد والعدالة، والإقلاع عن مقاصد من هذا النوع، وعن مرمرة الناس، أو أن يغادر موقع “تسيير الأعمال” في الحال. وطالما أننا في سياق النصيحة، نزيد فنقول، ليس هكذا تورد إبل السياسة التي يرغب فياض في خوض معتركها بعد ترك الحكومة. ففي المناخ الفلسطيني، لا تقوم قائمة لسياسي، دونما مناقب وبراهين على كونه يتحسس آلام الناس، ودون أن يحرص ما أمكنه، على أن تكون حياته شبيهة بحياتهم. فمن لا يفعل ذلك، يخسر في السياسة وفي الاجتماع كائناً من كان. وبخلاف موضوع فياض، أو بشكل عام، ربما تصبر الناس على الأناني والفاسد والباذخ، حتى ولو ظل حاضراً في المشهد فيما يشبه الرقم الصعب. لكن وزنه في لحظات فارقة وتاريخية، لن يزيد عن وزن ذبابة، لأن الميزان الحقيقي والحاسم، هو وجدان الناس وضمائرها!

دعك يا د. سلام فياض، من الفاكس والتحديث وتصوير وإرسال كل صفحات جواز السفر، وغير ذلك من التخرصات والمتطلبات التي تنعش أعمال مكاتب التصوير المجهزة بأجهزة “سكانر” تمحو

وترسم. فلو امتد حبس الرواتب لستة أشهر، وتسبب في موت أطفال؛ لن تخفّض 15% من المديونية الوقعة على رؤوسنا. ثم، بقدر ما هي ضئيلة هذه النسبة، فإن المسؤولية الجنائية ستكون كبيرة وتاريخية.

  • تعليقات الفيس بوك
  • تعليقات الموقع

اترك تعليقا